بسبب موقفها من الإسلام السياسي، هل تريد قطر إحراج فرنسا؟

  • 2019-12-22 17:43:27
الكاتب / أيجيس عندما خاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعاة الإسلام السياسي في أبريل الماضي بصرامة، خلق حالة من الذعر في شبكة الإخوان المسلمين، ليس فقط في فرنسا ولكن أيضًا على نطاق عالمي. إنه يعلم وأجهزة الدولة الفرنسية تعلم أن الأراضي الفرنسية أصبحت ميدان غزو لهذا الإسلام السياسي الذي يعتمد على قطر وتركيا بزعامة أردوغان. لن نفهم ما يجري في فرنسا بمعزل عما يجري في العالم وبوجه خاص العالم الإسلامي. قمة ماليزيا الأخيرة بينت أن أطرافا بدأت تسعى لتغيير خارطة النفوذ والهيمنة على هذا العالم المليء بالتناقضات. غياب السعودية عن تلك القمة رسالة سياسية لا ينبغي تجاهلها. ولهذه التحركات أثر مباشر على الأقليات المسلمة في الدول الغربية. كيف يتم التأثير على فرنسا؟ من خلال رصد دائم يهدف إلى تحديد جميع الشخصيات المسلمة القادرة على إعطاء أكبر صدى لقضايا تزعزع المجتمع الفرنسي، مثل الانكماش على الذات والانتماء الديني، وهي واحدة من نقاط ضعف المجتمع الفرنسي. حالات التمييز والمعاناة كثيرة. هذا صحيح. ما هي الاستراتيجية المستخدمة لاستغلال هذه الحالات؟ التشديد على وضع المسلمين كضحايا. لا شيء أقوى من استعمال معارك حقيقية تقودها شخصيات من أصول إسلامية. هكذا هو الأمر بالنسبة للشرطية السابقة من أصل تونسي سهام سويد التي أراد وزير الداخلية السابق كلود غيان أن يعاقبها بعد أن نشرت كتابا عنوانه "قانون الصمت في الشرطة" في عام 2010. برأتها المحكمة في قضية رفعها ضدها الوزير السابق الذي هو في الوقت ذاته مقرب من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. اليوم ، سهام سويد تبدي بوضوح على حسابها على تويتر تعاطفها مع قطر وتدعم مثلا قدرتها على تنظيم كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 على الرغم من الجدل الأخير في بطولة العالم لألعاب القوى. تهتم كثيرا بالتطلعات القطرية ولا يحرجها الدعم القطري لجماعات الإسلام السياسي في أوروبا. هذه الجماعات تتبنى الكفاح ضد "الكراهية" التي تستهدف المسلمين، وهي الورقة التي يستخدمها خصوم فرنسا للضغط بشكل أقوى على مواطن الألم. في فرنسا اليوم مواجهة حقيقية بين نموذج يدير الظهر لتاريخها ونموذج يميني متطرف يتغذى من مظاهر التطرف الديني والخوف من الأجانب ليتقدم يوما بعد يوم نحو مزيد من الثقل السياسي. بعبارة أخرى، الإسلام السياسي واليمين المتطرف يخدمان بعضهما البعض. هي ثنائية قطبية من نوع جديد أدخلت فرنسا في تجاذبات لم تعرفها من قبل، بل تعرف البلاد حاليا جدلا حول السماح أو لا بتقديم قوائم انتخابية على أساس إسلامي للانتخابات البلدية المقبلة في 2020. اختيار شخصية مثل السيدة سهام سويد ليس نتيجة الصدفة، لأن خصمها كلود غيان هو الأكثر شهرة في قضية التمويل المزعوم لنيكولا ساركوزي من قبل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. من الذي ظهر مؤخرا على الساحة الليبية؟ الزعيم التركي أردوغان، صديق قطر. ومن الذي فاز بجائزة إدغار فور 2019 للكتاب؟ نيكولا ساركوزي نفسه عن كتابه "مشاعر". سهام سويد تنتمي إلى هيئة التحكيم في تلك الجائزة. الربط بين كل هذه العناصر ضروري لفهم المشهد بأكمله. إن الشبكات العاملة في فرنسا لصالح قطر تثبت يوما بعد يوم قدرتها على إحراج الدولة الفرنسية واستغلال نقاط ضعفها. بعد كل إحراج، تأتي مرحلة "تهدئة الخواطر وتبديد سوء التفاهم" تمهيدا لخطة جديدة. تارة في شكل جوائز فكرية وتارة أخرى في شكل صفقات رياضية وهكذا دواليك. لن نفاجأ برؤية وفد من "السترات الصفراء" مثلا وهو يزور ذات يوم الدوحة للمشاركة في ندوة أو مؤتمر. فرنسا باتت تحت المجهر القطري، لا لأنها دولة سهلة بل لأن التأثير على دولة قوية مثلها هو تجسيد لطموح قطري بالتأثير على العالم.

متعلقات