في ختام أسبوع الفضاء بإكسبو 2020 دبي خبراء يبحثون استفادة الإنسان والأرض من رحلات الاستكشاف للفضاء

  • 2021-10-24 13:48:07
حين غزا الإنسان الفضاء قبل ستة عقود، كانت الخطوة إيذانا ببدء سلسلة طويلة من الرحلات لاستكشاف ما وراء الأرض ومعرفة المزيد عن الكون خارج كوكب ترهقه البشرية منذ القدم.  وبوصول الأميركي نيل أرمسترونغ إلى القمر كأول إنسي تطأ قدمه سطح أكثر أجسام السماء لمعانا، أخذنا نحن سكان الأرض ننظر بصورة مختلفة للكون الواسع، وزادت رغبتنا في التعرف على ما فيه ومحاولة الاستفادة منها. لكن ما الاستفادة العملية التي يمكننا نحن البشر تحقيقها من وراء استكشاف الفضاء وزيارة الأقمار ومحاولة الوصول لكواكب تبعد عنا ملايين الكيلومترات؟ تقول "ماروشكا شتراه"، المدير التنفيذي بمؤسسة أسبوع الفضاء العالمي، إن الاستكشافات الفضائية ليست ترفا، وترى فيها وسيلة لتوفير "منافع ملموسة" للبشر. وتضيف "شتراه" خلال محاضرة حول أهمية استكشافات الفضاء بالنسبة للبشر في اليوم الختامي لأسبوع الفضاء الذي نظمه إكسبو 2020 دبي:  "أنظر لقوة تأثير تكنولوجيا الفضاء على حياتنا، يكفي أن تعلم أن من بين 169 من النقاط التي تشكل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، هناك 65 نقطة على صلة بالفضاء. بدون تكنولوجيا الفضاء، لن يكون بوسعنا تحقيق تنمية مستدامة على كوكب الأرض". وتتابع: "يكاد كل شيء يعتمد على تكنولوجيا الفضاء، بما في ذلك حقوق الإنسان ورصد حالة الطقس، والزراعة، وإدارة المياه، والتعليم وحفظ السلام". ما تحدثت عنه شتراه في المحاضرة - التي استضاف خلالها إكسبو مجموعة من علماء الفضاء - ليس بعيدا عن واقعنا. فنظرة بسيطة حولك كفيلة بأن ترى حجم التكنولوجيا التي ساهمت استكشافات الفضاء في التوصل إليها، والتي لم يعد لك غنى عنها اليوم. فهل تستغني يوما عن هاتفك المحمول وما فيه من تطبيقات تكاد تدير يومك بكل تفاصيله من ضبط مواعيد والتعرف على الحالة الجوية وحجز مواعيد أو رحلات طيران؟ كما ترى، كلها تطبيقات مرتبطة بالاتصالات اللاسلكية التي تتيحها الأقمار الصناعية وتلعب دورا في تسهيل حياتنا بشكل لا يصدق. في مداخلته بالمحاضرة، تناول راندي ليكانز، نائب الرئيس والمدير العام في ناسا لحلول الشركات، الكيفية التي من خلالها تستطيع البشرية الاستفادة من اكتشاف الفضاء. وقال: "اليوم تدعم التكنولوجيا المستخدمة في محطة الفضاء الدولية جهود تنقية المياه في العديد من البلدان النامية بمختلف أنحاء العالم، حيث تستخدم المحطة نظاما لتوليد الأكسجين، وآخر لتدوير المياه وتجديد الهواء في المحطة. يتم تطوير هذا النظام باستمرار حتى نتوصل من تحقيق الغاية منه والمتمثلة باستعادة وإعادة استخدام 90٪ من المياه في محطة الفضاء الدولية". قد لا يعرف كثيرون أن عدداً كبيراً من الأدوات والمواد طُورت من أجل مشروعات فضائية لدول مختلفة، قبل أن ينتقل استخدامها لتحقيق منافع للناس. فعلى سبيل المثال، ربما لا تعرف أن الطعام المجفف، وهو من الأطعمة المحببة اليوم للكبار والصغار، صُنع خصيصا من أجل رواد الفضاء. ومن خلال رحلات الفضاء، عرف الناس أيضا فكرة أغطية ذات سطح معدني تعكس 80 بالمئة من الحرارة الصادرة من شخص ما لتعيدها إلى جسمه، وهي تقنية استخدمت من أجل إبقاء درجة حرارة جسم ضحايا الحوادث أو عدائي الماراثون متوازنة. هذا بالإضافة إلى الكثير من الاكتشافات الطبية المهمة التي كانت رحلات البشر للفضاء أساسا في التوصل إليها، وبينها على سبيل المثال طريقة توصيل الأدوية المكافحة للسرطان إلى مكان الورم مباشرةً، وأداة يمكن الممرضة حملها لإجراء الفحوص فوق الصوتية وإرسالها إلى طبيب يبعد عنها أميالا، وذراع آلية تستطيع إجراء العمليات الدقيقة داخل أجهزة الرنين المغناطيسي. وتوفر رحلات الفضاء أيضا فرصة للتعرف على استجابة الجسم البشري في أجواء مختلفة عن أجواء الأرض الطبيعية. وفي ظل أهمية مفهوم الاستدامة، الذي يمثل أحد المواضيع الرئيسية الثلاثة لإكسبو 2020 دبي، سلط لوك بيجيه، الرئيس التنفيذي وأحد مؤسسين شركة (كلير سبيس) الضوء على الاستدامة في الفضاء. وقال بيجيه: "الاستدامة في الفضاء والاستدامة من الفضاء أمران مرتطبان ببعضهما البعض، ولا يمكن التعامل معهما كقضيتين منفصلتين. يقع على عاتق الجيل الحالي مهمة التخلص من المخلفات الفضائية التي صنعها الإنسان حتى نواصل الاستفادة من تكنولوجيا الفضاء والاستكشاف". وأضاف: "هناك اليوم أكثر من 5000 جسم من النفايات الفضائية وهي لأقمار صناعية خرجت وشظايا ناجمة عن الرحلات الفضائية، مقابل 3400 قمر صناعي تحت الخدمة، لذا تشكل هذه المسألة تحدياً لنا، ومن المهم توزيع المهام فيما يتعلق بالتخلص من النفايات الفضائية، ومن هنا تأتي أهمية المسؤولية الدولية بوضع الأطر اللازمة وضمان تطبيقها على أرض الواقع". وفي إكسبو 2020 دبي، لعب برنامج إكسبو لايف دورا مهما في التصدي لأبرز التحديات التي يواجهها كوكب الأرض، وبينها الزراعة. ويشير عبدالله خوري، مدير في برنامج إكسبو لايف إلى الكيفية التي ساهمت من خلالها تكنولوجيا الفضاء في تحسين حياة الأفراد، كما حصل في أفريقيا، حيث كانت تنبؤات الطقس غير الدقيقة على سبيل المثال سببا لفقدان المزارعين لمحاصيلهم. وأضاف، خلال الجلسة الحوارية: "هذه المشكلة تم حلها إلى حد كبير بتوفير تقارير دقيقة بشأن الطقس لصغار المزارعين مما ساعدهم في تنظيم أوقات الزراعة وبالتالي عدم خسارة محاصيلهم ومواردهم". وتابع خوري: "ساهم مشروع لاند لايف وهو أيضا من المشاريع التي يمولها إكسبو لايف على حل مشكلة خسارة مساحات من الأراضي الزراعية وتصحرها، من خلال حاضنة أشجار قابلة للتحلل للمساعدة في زراعة الأشجار ونموها في تربة غير خصبة". وتعود "ماروشكا شتراه"، المدير التنفيذي بمؤسسة أسبوع الفضاء العالمي، لتلخص أهمية استكشاف الفضاء باعتباره "استثمارا في مستقبلنا". وتضيف: "هذا أمر مهم للغاية بالنسبة لنا سواء في الأمم المتحدة أو منظمات المجتمع المدني لكي نعمل معا ليظل الفضاء آمنا. إن لم يكن الفضاء آمنا، فلن يكون لنا مستقبل آمن".

متعلقات